كشفت دراسة للدكتور " عدلي السمري " أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر أن 96% من الآباء الذين يضربون أبنائهم تعرضوا للضرب وهم صغار .
وتوصلت الدراسة أن ضرب الآباء لأبنائهم وتعنيفهم المستمر لهم يربي عقد نفسية لدى الأبناء بل ويزيد من العنف الأسري إلى أن يتفاقم ويمثل مشكلة من الصعب مواجهتها إذ تحول العنف من الأسرة إلى المجتمع وأصبح شكل من أشكال السلوكيات الشاذة وضحاياه مؤهلين نفسيا لممارسة الإرهاب النفسي على الأفراد مما يهدد أمن المتمع .
ودعت الدراسة الأباء والأمهات إلى توخي الحذر في تربية أبنائهم فكثرة الضرب يؤدي إلى نتائج يمكن الاستغناء عنها إذا استخدم كل من الأب والأم ما يسمى بالعقاب البديل والذي يتلخص في حرمان الطفل مما يحبه بدلا من الإيذاء البدني الذي يؤدي إلى العديد من الأمراض النفسية .
وقد رصدت "عربيات" الدراسة واستعرضت الآراء حول ضرب الأباء للأبناء وتأثير ذلك على صحتهم النفسية وفي أي الحالات يكون الضرب وسيلة للتأديب بل وأي نوع من الضرب هو المقصود و يمكن أن يؤتى بالنتائج المرجوة منه وذلك من خلال معرفة أراء الأباء والأمهات والأبناء وعلماء الدين وعلماء الاجتماع والنفس .
تقول" نهى السيد " طالبة بكلية حقوق القاهرة (( الضرب ليس وسيلة سليمة للتربية فأنا أحب أن يتفاهم والدي معي بدلا من أن يضربني ويربي عندي الخوف منه والكره فدائما أحب أن أسمعه وأنصت إليه وأفوز برضاه بدلا من الهروب منه وتفادي لقائه خوفا منه وأتمنى أن يبحث كل أب عن وسائل أخرى للعقاب بدلا من الضرب )) .
أما " كريمة محمد " طالبة بمدرسة أم الأبطال الثانوية بنات السنة الثالثة فتقول (( أبي وأمي يصران على معاقبتي بشدة وإهانتي بشتى الطرق حتى ولو تأخرت خمسة دقائق عن ميعادي وليس لي إلا عمة تعد بالنسبة لي الصدر الحنون وألجأ إليها دائما واعتبرها عوضا لي عن حنان أمي وأبي الذي افتقده بسبب شدتهم معي وضربي دائما وكم كنت أتمني أن يتعاملا معي بصورة أكثر محبة وتفهم ولكنى عرفت فيما بعد من عمتي أن أبي كان يتعرض للضرب بشدة من جدي وأن شدة أمي ترجع إلى عقاب أبي الشديد لها الذي قد يصل لحد الضرب أحيانا..
وأنا لا أحب الضرب لأنه وسيلة مرفوضة وتترك آثار نفسية سيئة على الأبناء وأنا واحدة من هؤلاء الأبناء ونفسي لا أرث هذه الصفة من والدي حتى لا يتعرض أولادي لمثل ما أتعرض له )) .
ويؤكد " سعيد حنفي " طالب بكلية الآداب بالسنة النهائية قائلاً (( أنا مثلي مثل الجميع لا أحب الإهانة وأعتقد أن الضرب يعتبر اسوأ أنواع الإهانة التي نتعرض لها من الآباء وكأنه انتهاك لحقوق أدميتنا فالضرب إهدار للكرامة ولا حياة بعدها بل سيكون الضرب عذاب للنفس الإنسانية ، فأنا أعترض لأن والدي رحمة الله عليه كان يعتبر العصا أداة للتربية وقد أدركت وتعلمت أنها أداة لتربية نشء جبان وأداة فعالة لقمع النفس البشرية حيث تولد لدينا نوع من الانتقام وأنا لا أريد أن أكون بهذه الصورة لذلك لا للضرب وأدعو الأباء إلى التفاهم واتباع لغة الحوار مع أبنائهم وكما يقولون في المثل الشعبي ( إن كبر ابنك خويه ) أي اجعله صديقك)) .
أما " رشاد السيد " محامي ويعول أسرة مكونة من أربعة أفراد فيقول (( لقد تعلمنا في القانون أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته لذلك أنا لا أعاقب أولادي حتى يتضح لي أنهم أخطأوا وهذا الخطأ يعيبني في المقام الأول لأنني لم أعلمهم كيف يتفادوا هذا الخطأ )) ... ويضيف (( منذ الصغر كان أبي يضربني عندما أفعل شيء خطا وخاصة عندما كنت أخطيء في قراءة القرآن لذلك أنا أؤمن بأن الضرب هو وسيلة للتأديب والتهذيب للأطفال لأن السياسية قد تساهم بصورة أو أخرى في انحرافهم وإذا علمتهم شيئا ولم يقوموا بفعله أترك لهم الفرصة لتصحيحه ثلاث مرات وبعدها لابد من التدخل الحاسم وألقنهم عقابا حتى يصلحوا ما أفسدوه أو يتعلموا جيدا خطئهم ))
ويقول المهندس " فتح الله فؤاد " مهندس بوزارة الإسكان والتعمير (( اعتقد أنه بدون الضرب لما صلح الجيل فأنا أضرب أولادي وأعنفهم عندما يقومون فعل تصرف مشين خاصة إذا تم التنبيه عليهم من قبل وأيضا أقوم بتأنيب ومعاقبة أمهم إذا اخفت عني بعض مشاكلهم حتى لا يتعرضوا للضرب مني ومن بين هذه التصرفات إساءتهم لوالدتهم بطريقة أو بأخرى فأذكر أن ابني الصغير قام بالصراخ في وجه أمه بطريقة غير لائقة فقمت وضربته بعصا حتى تورم بعض أجزاء من جسده وعندما يفكر في مثل هذا التصرف مرة أخرى ينظر إلى جسده فيتذكر ما حدث له فينصرف عن تكرار خطأه وهكذا تعلمنا من والدنا كيفية الحفاظ على القيم واحترام بعضنا البعض وأحاول أن أعمل هذا في تربية أولادي حتى يتربوا مثلما تربيت )) .
ويعترف " مصطفى السيد " موظف بالهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة (( أنا أضرب أولادي عندما يخطئون لأن الخوف من العقاب يجعلهم يفكرون ألف مرة قبل ارتكاب أي خطأ بالإضافة إلى أن الضرب جعلهم يخافوني ويعملون حسابي قبل فعل أي خطأ فلا أعرف رحمة عندما يتكرر الخطأ لذلك فأولادي يتجنبون الخطأ وألحظ هذا فيهم جميعا حتى لا يتعرضون للعقاب واعتقد أن أفضل وسيلة للتربية هي سياسة العقاب والثواب )) .
رأي علم النفس
بعد أن استعرضنا اعترافات الأباء والأمهات والأبناء خاصة وأن كل واحدا منهم يملك قناعته التامة في استخدام أسلوبه الخاص في التربية ذهبنا لعلماء النفس والاجتماع لنعرف آرائهم في هذه الاعترافات والأسلوب الأمثل في تربية الأجيال حيث قالت الدكتورة "عزة كريم" أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس (( من أكثر المستويات خطورة إيذاء الطفل داخل الأسرة سواء بالضرب أو إحداث ضرر جسماني للطفل مثل الرعاية الصحية وقد يختلف الإيذاء الجسدي باختلاف الغرض منه فالأسرة الفقيرة تستخدم العقاب البدني بمعدلات اكبر من غيرها وقد يصل هذا العنف إلى تعرض الطفل لإصابات خطيرة لذا يجب أن يكون هناك موقفا إيجابيا وتوعية مستمرة لحث الأباء على الابتعاد عن الضرب في معاقبة أبنائهم بصرف النظر عن انتمائهم الاجتماعي والاقتصادي خاصة وأن ما يدفع الثمن غاليا هو الطفل الذي يقع فريسة لظروف نفسية واجتماعية .... كما يجب توعية الأبناء بكيفية التعامل مع أبنائهم في المراحل العمرية المختلفة حتى يتسنى لهم عبور الكثير من المشكلات التي يتعرض لها الأطفال وبما لا يسمح بانعزال الأباء عن واقع الأبناء واضعين في الاعتبار الظروف الفردية بين الأطفال فالطفل باختلاف قدراته و إمكانياته يعتبر ذا قيمة في حد ذاته وله الحق في التمتع بحقوق متساوية مع أقرانه سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو مدنية كما من حق الطفل أن يشبع كل احتياجاته مهما كانت ظروف أسرته وبذلك يمكن أن تحمي الأسرة أبنائها من الانحراف أو حتى مصاحبة أصدقاء السوء )) .
ويرى الدكتور " عدلي السمري " أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس أن الأم هي المدرسة الأولى التي يتربى فيها الأبناء حيث تغرس فيهم القيم والأخلاق النبيلة التي تكون شخصيتهم فهي يقع عليها العبء الأكبر في التربية فإذا كانت واعية ومدركة لمدى مسئوليتها وتأثيرها على الأجيال القادمة فسوف تتعامل مع أولادها بحكمة وتمسك العصا من النصف بمعنى أن لا تضربهم إلى أن يؤدي الضرب عقد نفسية لديهم وان لا تترك الحبل على الغارب كما يقولون فتتسبب بلا قصد في انحرافهم .
ولهذا أنصح الأبوين باتباع أسلوب عقلاني في تربية أولادهم بعيدا عن الضرب والإيذاء النفسي والجسدي وإذا عجزا عن حل مشكلة معينة لأطفالهم فلا يخجلا من اللجوء إلى وحدات الإرشاد الأسري أو الطبيب النفسي خاصة وأن تربية الأبناء مسئولية مشتركة بين الأب والأم وقد يكون دور الأب هو الأكبر تأثيرا بسبب مسئوليته عن الأسرة ككل وهو الذي يضع الأسس التربوية داخل الأسرة والتي تلتزم الأم بتطبيقها .
وأود الإشارة هنا " والكلام للدكتور السمري" أن الأم ليست هي المسئولة الوحيدة عن انحرافات الشباب كما يتهمها البعض ولكن وسائل الإعلام والفضائيات تؤثر على سلوكهم خاصة بعد أن انفتح الشباب على الفكر الغربي الذي يفتقد الكثير من عاداتنا وتقاليدنا الإسلامية وهويتنا العربية التي نتمسك بها وقد أصيبوا بداء التقليد الأعمى وقد تفاقمت تلك الظاهرة بعد أن تربى الشباب بعيدا عن روح الإسلام والقيم الدينية الأصيلة التي تعتبر حصن أمان له من المغريات الخارجية )) .
ثانيا مرحلة التعليم يكون فيها أكثر استجابة للفهم والوعي فأكثر العلماء المسلمين حصلوا وحفظوا القرآن في هذه المرحلة وهي بعد العاشرة وبعد ما تأتي مرحلة المصاحبة وتكون في سن الخامسة عشر حيث البلوغ والنضج والرشد ويجب على الأب استعمال أسلوب آخر إذ يأخذ منه موقف الصديق والخليل وليس موقف الند
وأخيرا تأتي مرحلة التحرر وترك الباب له معتمدين على أنفسهم ولا يخشى عليه لأن الأب أعطى لكل مرحلة حقها وأي مرحلة لم يأخذ فيها حقه تنعكس عليه بقية المراحل العمرية المختلفة
فالرجل الذي لم يلعب وهو صغير تنعكس عليه في شيخوخته ومن هنا الإسلام كان حريصا على بناء الشخصية الإسلامية شخصية متزنة ليس فيها ضرب ولا كسر ولا إجبار وقد قال أحد الصالحين إن الضرب على ظهر اليد يجعل الطفل لا يتعلم حرفة أبدا تقيه من الفقر لذلك لا يجب ضرب الطفل على ظهر يده أو وجهه )) .
*************************
منقوووووووووول